“المعالجة المطورة للمشكلات” هو تدخل نفسي قابل للتوسع. طوّرت منظمة الصحة العالمية هذا النوع من التدخلات في السنوات الحديثة.
طوّرت منظمة الصحة العالمية برامج نفسية قابلة للتوسع لكي تُستخدم في المواقع التي تأثرت بالمحن. يتوافر “المعالجة المطورة للمشكلات” بنسخة فردية وأخرى جماعية. إضافة إلى ذلك، يتم العمل على تطوير نُسختيْن أخرييْن: برنامج نفسي للراشدين سيتم توصيله عبر الهاتف الذكي وبرنامج لليافعين يُطلق عليه اسم “مهارات اليافعين في التعامل مع العواطف”.
وهذه البرامج قصيرة ويمكن لمساعدين مدرَبين وغير مختصين في الصحة النفسية توفيرها أو دعمها. لا تستهدف هذه البرامج اضطرابا واحدا بل مجموعة من أعراض اضطرابات الصحة النفسية الشائعة مثل القلق والاكتئاب واضطراب الضغط ما بعد الصدمة. تقوم هذه البرامج على تقنيات معرفية سلوكية وتقنيات حل المشكلات التي تم اختبارها بشكل جيد.
يتألف البرنامج من خمس جلسات مدة كل منها 90 دقيقة. يتعلم المشاركون خلال الجلسات أربع استراتيجيات:
- إدارة الضغط النفسي
- حل المشكلات
- التنشيط السلوكي
- مهارات لتعزيز الدعم الاجتماعي
يهدف البرنامج إلى المساهمة في توفير رعاية صحية نفسية قائمة على المجتمع، أفضل و فعّالة من حيث التكلفة من خلال ترجمة برامج “المعالجة المطورة للمشكلات” وتكييفها لتتناسب مع السياق السوري. يحدّد المشروع الخطوات التي ينبغي اتخاذها من أجل دمج التدخلات النفسية متدنية الحدة والمثبتة بالبراهين للاضطرابات النفسية الشائعة، في أنظمة الصحة في الدول المضيفة. الدول التي يستهدفها المشروع هي تركيا ولبنان والأردن ومصر وألمانيا وسويسرا وهولندا والسويد. تتنوع الدول الثمانية من خلال الدخل وأنظمة الرعاية الصحية والثقافة وجميعها يستضيف عددا ملحوظا من اللاجئين السوريين.
تُسمى التدخلات القابلة للتطوير أحيانا “تدخلات متدنية الحدة”. وهي علاجات نفسية يمكن تعديلها ومثبتة بالبراهين، مثل:
- علاجلات نفسية مثبتة بالبراهين ووجيزة وأساسية يمكن للأشخاص المدربين تدريبا غير اختصاصي تقديمها (نسخ أساسية من العلاج المعرفي السلوكي، العلاج ما بين الأشخاص)
- مواد المساعدة الذاتية المأخوذة عن مبادئ العلاج النفسي المثبت بالبراهين على الشكل التالي: كتب المساعدة الذاتية، كتب المساعدة الذاتية السمعية و كتب المساعدة الذاتية بالفيديو – ببرامج المساعدة الذاتية على شبكة الإنترنت)
- المساعدة الذاتية الموجهة على شكل برامج فردية أو جماعية توجه العملاء على استخدام مواد المساعدة الذاتية المذكورة أعلاه.
يشير المصطلح “متدني التدخل” إلى مستوى منخفض من استخدام الموارد البشرية المتخصصة. ويعني ذلك أنه تم تعديل التدخل ليستخدم موارد أقل مقارنة بالعلاجات النفسية التقليدية التي يقدمها المختصون. نتيجة لذلك، يتم تعديل بعض نواحي التدخل لكي يمكن تطبيقها في مجتمعات لا تحظى بالعديد من الاحتصاصيين. يمكن لهذه التعديلات أن تعزز الوصول إلى خدمات رعاية الصحة النفسية والتي تستهدف عدد أكبر من الأشخاص. وحتى عندما تكون التدخلات متدنية الحدة أقل فعّالية نوعا ما من العلاجات النفسية التقليدية إلا أنه يمكن قبول هذه الاختلافات مقابل التغطية الكبيرة و سهولة الوصول المكتسبة. يمكن تقييم هذه التسوية من خلال استخدام طرق البحث في فعالية التكلفة من مجال اقتصاديات الصحة.
يمكن تحسين الوصول إلى الرعاية الشاملة لمشكلات الصحة النفسية الشائعة الناتجة عن التعرض لمحنة ما، من خلال تطوير تدخلات قابلة للتطوير وتنفيذها وتقييمها. توجد فجوة كبيرة، كما تشير منظمة الصحة العالمية في دليل “برنامج رأب الفجوة في الصحة النفسية”، بين انتشار مشكلات الصحة النفسية وتوافر واستخدام الخدمات المثبتة بالبراهين في غالبية المجتمعات في العالم.
لذلك، في المجتمعات المتأثرة بمحن والتي تكبر فيها هذه الفجوة تبرز الحاجة القوية إلى التدخلات متدنية الحدة. والمجتمعات التي تواجه أعلى مستويات من الأحداث التي تسبب المحن هي تلك المجتمعات التي تحظى بأنظمة رعاية الصحة النفسية الأقل تطورا وبأكبر عدد من العوائق التي تمنع الناس من الوصول إلى الخدمات المتوافرة.
تتضمن العوائق بنى تحتية صحية أقل نموا ومتضررة، توافر محدود للمختصين و الفقر. على الرغم من أن هذه المسائل قد تعيق الناس من الوصول إلى خدمات الرعاية إلا أن المحن غالبا ما تفاقم هذه التحديات. عندئذ يمكن لهذه التحديات أن تشتد وتسوء وبالتالي تجعل الوصول إلى الخدمات صعب المنال لغالبية الناس.
وفي السنوات الأخيرة، وُجد أن عدد كبير من التدخلات متدنية الحدة فعّالة للأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من الضغط النفسية والاكتئاب و القلق. على الرغم من أن هذا العمل قد طوُّر في دول مرتفعة الدخل إلا أنه يوجد اندفاع لتطوير واختبار تدخلات مماثلة في الدول منخفضة الدخل.
التقنيات المستخدمة في “المعالجة المطورة للمشكلات” ليست جديدة. تستند البرامج على استراتيجيات معروفة ومثبتة بالبراهين: مشورة حل المشكلات ممزوجة بتقنيات سلوكية مختارة. ومن خلال مزج هذه الاستراتيجيات، تعالج البرامج المشكلات النفسية (على سبيل المثال، الضغط النفسي، الخوف، مشاعر اليأس) والمشكلات العملية الكامنة حيث أمكن (على سبيل المثال، مشكلات المعيشة والنزاع الأُسري وغيره).
خضعت جميع الوحدات أو ستخضع لاختبارات دقيقة في ظروف واقعية من قبل باحثين أكاديميين للتأكد من أنها ستعمل وأنها آمنة. خضعت النسخة الفردية من برنامج “المعالجة المطورة للمشكلات” وعادت بنتائج مبهرة في كل من الباكستان وكينيا. كما يتم حاليا اختبار النسخة الجماعية من “المعالجة المطورة للمشكلات” و “مهارات اليافعين في التعامل مع العواطف” و “خطوة بخطوة”. سيساهم مشروع “القوى” في اختبار وتطوير هذه الوحدات الثلاث.
كما يتعدى مشروع “القوى” هذه الخطوات بخطوة إضافية تكمن في البحث من خلال النظر في فعّالية تكلفة التدخل وفي استراتيجيات التنفيذ في سياقات مختلفة