نزح ما مجموعه 13 مليون سوري بسبب النزاع المستمر في سوريا. وقد وجدت الغالبية ملجأً في الدول المجاورة كما استقبلت بعض الدول في أوروبا أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين. وغالباً ما يكون اللاجئون عرضة للضيق النفسي الاجتماعي بسبب التعرض للحرب والعنف، والأحداث الصادمة التي يتعرضون إليها عند الهرب من سوريا والضغط النفسي الذي يسببه النزول في بلد جديد. ولبعض اللاجئين، قد يظهر هذا على شكل اضطراب الشدّة ما بعد الصدمة، اكتئاب و/أو اضطراب القلق إذا بقوا من دون علاج. إن العديد من الدول المضيفة غير مجهّزة للاستجابة للأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين الذين قد يحتاجون إلى الوصول إلى خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي الشاملة. وقد تم إطلاق دراسة “القوى” لتطوير استراتيجيات فعّالة لتوسيع تدخلات نفسية متدنية الحدّة وفعّالة والتي من شأنها المساعدة في تلبية تلك الحاجات في الأماكن حيث الموارد محدودة.
المنهجية
تُستخدم العديد من الأساليب في التقييم السريع. أولاً، تم إجراء دراسات مكتبية لجمع المعلومات حول بنية نظام الصحة وأي عقبات أمام تنفيذ التدخلات الفعّالة. ثانياً، تم تحليل البيانات النوعية الموجودة أصلاً والتي جمعها شركاء مشروع “القوى” لعملهم التكويني للتدخلات. ثالثاً، سيتم إجراء سلسلة من المقابلات شبه المنظمة في خلال السنة والنصف القادمة مع: المخبرين الأساسيين من مسؤولين حكوميين وواضعي السياسات؛ موفري خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي؛ واللاجئين السوريين الذين يتلقون خدمات الرعاية وأفراد أُسرهم في دول إجراء دراسة مشروع “القوى”.
التقييم السريع هو عمل قيد الإنجاز. والتالي هو بعض نتائج البحث الموجزة والأولية لكل من الدول حيث تُجرى دراسة مشروع “القوى”:

مصر
تقترح نتائج البحث الأولية حاجات نفسية عالية بين اللاجئين السوريين في مصر، وإن كانت على أساس براهين محدودة. وتشير نتائج بحثنا أيضاً إلى أن نظام الصحة “الموازي” (أي خدمات المنظمات غير الحكومية) هي الطريق الأولي للاجئين السوريين للحصول على خدمات الصحة النفسية إذا أن الوصول إليها أسهل. يتوافر العلاج لاضطراب الشدة ما بعد الصدمة والاضطرابات النفسية الأخرى من خلال القطاع العام ولكن كلفتها عالية. نظراً لهذه الظروف، تبدو خدمات الصحة النفسية المجانية والتي يطورها مشروع “القوى” مباشرة عبر شبكة الإنترنت خياراً جيداً للاجئين السوريين.
ألمانيا
تقترح نتائج البحث الأولية أن أنظمة رعاية الصحة النفسية الألمانية توفر رعاية كافية للمواطنين الألمان. إلى ذلك، يبدو وجود عدم تكافؤ أساسي في الوصول عندما يأتي الأمر إلى علاج الاضطرابات النفسية للاجئين. والوصول إلى العلاجات النفسية مقيّد أثناء الخمسة عشر شهراً الأولى من السكن. وهذا ما قد يؤدي إلى تأخير في التشخيص والعلاج والذي من شأنه أن يفاقم حدّة الأعراض. وتشير الأدبيات إلى أن السوريين يتمتعون بمدى كامل من خيارات الرعاية الصحية بعد فترة الخمسة عشر شهراً ولكنهم يواجهون عقبات اجتماعية ثقافية عند الحصول على الرعاية.
الأردن
تسلّط نتائج البحث الأولية الضوء على عقبات في وصول اللاجئين السوريين لخدمات الصحة النفسية في الأردن. وتشمل هذ العقبات التقبُّل (مثلاً، لغوية وثقافية ومواقف مستخدمي الخدمات الصحية وموفريها) التوافر وسهولة الوصول جغرافياً ويُسر الكلفة. ينبغي التحقيق أكثر في هذه العقبات خصوصاً من وجهة نظر المستخدمين السوريين لخدمات الصحة النفسية.
لبنان
تقترح نتائج البحث الأولية وجود عدد كافٍ من مرافق الصحة النفسية المتوافرة على مستوى الرعاية الثالثية ولكن موارد غير كافية على مستوى الرعاية المجتمعية والصحية الأولية للمواطنين اللبنانيين. وغالبية الرعاية الصحية النفسية للاجئين السوريين هي مقدمة بالدرجة الأولى من قبل المنظمات غير الحكومية والتي تواجه تحدي استدامة توافر هذه الخدمات في المستقبل. إضافة إلى ذلك، تم اكتشاف فقدان التواصل بين الموفرين المختلفين العاملين في أنظمة الصحة العامة والموازية وحتى ضمن نظام الصحة الموازي يمكن تحسين تنسيق الرعاية ومساراتها. إن تنفيذ وتوسيع برامج الصحة النفسية من خلال برامج رأب الفجوة في الصحة النفسية واجه تحديات وينبغي التحقيق فيه أكثر إذ أنه قد يوفر معلومات مهمة عن توسيع برامج “المعالجة المطورة للمشكلات”.
السويد
تقترح نتائج البحث الأولية من التقييم السريع أن اللاجئين السوريين يرفضون أو يؤخرون الحصول على الرعاية بسبب معرفتهم المحدودة بالرعاية الصحية النفسية والجسمانية ووصمة العار. ويبدو أن الفحص الصحي للاجئين لا يعالج الصحة النفسية بشكل كافٍ مما يعيق الاكتشاف المبكر للمسائل النفسية. كما تشير نتائج البحث الأولية إلى الافتقاد إلى المراكز الصحية والموفرين المتخصصين برعاية اللاجئين و/أو الصدمة في الأماكن الريفية في السويد. بالتالي، قد يواجه اللاجئون السوريون عقبات وصول حقيقية وقد لا يحصلون على رعاية ملائمة ثقافياً.
سويسرا
تشير نتائج البحث الأولية إلى أن تقبُّل الرعاية هو العائق الأساسي للاجئين السوريين والذي يحول دون الوصول إلى الرعاية الصحية في سويسرا. كما تبيّن وجود عدم ثقة في النظام وفي موفري الرعاية الصحية وهو موضوع أساسي. وهو ما يدعو إلى الحاجة إلى تثقيف اللاجئين السوريين عن نظام الرعاية الصحية النفسية وخيارات الرعاية الأخرى من أجل تخفيف عدم الثقة. كما يبدو التدريب على الوعي الثقافي لموفري الرعاية الصحية السويسريين في نفس الأهمية. وقد ينجذب اللاجئون السوريون لبرامج “المعالجة المطورة للمشكلات” بما أن البرنامج سيُقدم من قبل موفري رعاية صحية مساعدين (لاجئون سوريون بحد ذاتهم). إلى ذلك، قد يستمر عدم ثقة اللاجئين السوريين بنظام الرعاية الصحية السويسرية وقد تدعو الحاجة إلى معالجة ذلك من خلال تطبيق “المعالجة المطورة للمشكلات”.
هولندا
تشير نتائج البحث الأولية أن عقبات القبول هي أساسية للاجئين السوريين في هولندا. وتؤكد النتائج الصادرة عن الأدبيات نتائج بحث مرحلة التكييف الثقافي وتشير إلى أن موفري “المعالجة المطورة للمشكلات” سيكونون مقبولين من المرضى. إلى ذلك، تقترح نتائج البحث أن بعض المرضى السوريين قد لا يثقون بموفرين من بلدهم حتى. إن دمج “المعالجة المطورة للمشكلات” في نظام الصحة العام يتطلب علاج يتم تغطيته من قبل شركات تأمين للصحة وأن تكون قابلة للاستمرار على المستوى المادي ولكن شركات التأمين عادة لا تغطي الخدمات التي يقدمها أشخاص غير مسجلين مهنياً. وقد يكون خيار آخر أن يتم تقديم “المعالجة المطورة للمشكلات” خارج نظام الصحة العام. لذا يُسر كلفة توسيع “المعالجة المطورة للمشكلات” والاستمرارية المادية ستكون حاسمة.
تركيا
تصف نتائج البحث الأولية وضع تتوافر فيه خدمات للاجئين. إلى ذلك، إن الوصول إلى الخدمات قليل نسبة إلى التقبُّل الضعيف والعوائق المادية. ونقطة أساسية أخرى بانت هي فقدان طلب العلاج من السكان السوريين. ويبدو وجود عدم تكافؤ في الوصول إلى الرعاية الصحية عندما يأتي الأمر إلى الاختلاف في وضع الحماية المؤقتة الممنوحة للاجئين.

الخطوات التالية
سيتم تحديث التقييم السريع من خلال نتائج بحث المقابلات النوعية التي ستُجرى في خلال السنة والنصف المقبلة مع: المخبرين الأساسيين من مسؤولين حكوميين وواضعي السياسات؛ موفري خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي؛ واللاجئين السوريين الذين يتلقون خدمات الرعاية وأفراد أُسرهم في دول إجراء دراسة مشروع “القوى”.